هل جربت مرة أن تنجح في شىء ما نجاحا غير متوقع؛ فتفاجأ بمن يقلل من قيمته، أويحسدك عليه، أو يتجاهله؟! أنا على يقين أني أسمع الآن من يقول:قابلني هذا كثيرا جدا. وأنا سأقول لك: ثق إذن بأنك على الطريق الصحيح؛ ذلك لأننا تعلمنا في هذه الحياة أن النجاح له ألف عدو، والفشل له مليون صديق. ولن يعاديك إلا من ينافسك فاكتسب ألف عدو واعرفهم، بدلا من مليون صديق يحبون فشلك.
لن يغفر أعداء مصر تفوقها أبدا في أي مجال، وستجد من يقلل منه أو يشكك؛ ورغم ذلك استطاعت مصر بسواعد مؤمنة بما تفعل أن تنجح في حقل من أعقد مجالات التكنولوجيا ألا وهو التحول الرقمي، واستطاعت في فترة 8 سنوات طبقا لبيانات المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية أن تقفز بين دول العالم بل وتصبح مصدرة للإنترنت على المستوى الإفريقي عبر كابلات تمتد تحت أرضها لتغذي 16 دولة. لقد مرت مصر بمراحل عديدة لتصل لما هي عليه الآن؛ حيث تعتبر الدولة (17) على مستوى العالم التي تمتلك "واحة السيليكون". هذه الواحة من أخطر الإنجازات على أرض مصر؛ وقد تم بناؤها تحت سطح الأرض على بعد عميق حتى إن القنابل النووية لا تصل إليها؛ وعليه فبيانات الدولة والمواطنين في أمان.
شمل التحول الرقمي تطوير البنية التحتية للاتصالات، والخدمات البريدية، ومحور تطوير الخدمات الرقمية وتحديثها، والبنية المعلوماتية للوزرات والهيئات الحكومية، وغيرها. لقد هالني كم التغيير الذي يحدث على أرض مصر في هذا الاتجاه. وقد التحقت بدورة نظمتها إدارة كليتي لأصبح مواطنة رقمية وهو مجهود عظيم استفدت منه كثيرا. حيث قام على تدريبنا واحد من ألمع المهندسين عباقرة الكمبيوتر في مصر وهو المهندس / أنطونيوس ميخائيل صاحب شركة "كمبيوتوني " تمنيت لو درب مصر كلها بهذه الروح الواعية العالمة.
السؤال الذي دار بذهني وقتها كيف سيستوعب المجتمع هذا التطورالهائل لتوفيرالجهد والوقت؟! وهل المواطنون البسطاء سيستوعبون هذه النقلة دون تدريب عليها؟!
لقد خرجت من هذه الدورة بتصنيف المجتمع كما يقول مارك برينسكي إلى ثلاث فئات: فئة المواطنين الرقميين وهم : من ولدوا بعد عام 2001م وهذه الفئة تتعامل بسلاسة مع الأمر. وفئة المهاجرين الرقميين وهؤلاء: من ولدوا قبل عام 1985م وسموا بالمهاجرين لأنهم انتقلوا من مرحلة الورق إلى مرحلة الرقمنة وهم يحتاجون إلى مجهود كبير في الاستيعاب لكنهم قادرون. وفئة الأميين الرقميين وهم: كبار السن الذين لا يستوعبون هذه التكنولوجيا، أو الفئة غير المتعلمة من الأساس وهم خطرون لأنهم ينشرون أي معلومة خاطئة أو مغرضة دون وعي.
وأقترح فكرة ربما تساعد في حل مشكلة محو الأمية الرقمية وهي: أن يتكاتف شباب كل حي في تعليم أسرهم وجيرانهم الخطوات الأولى لكيفية التعامل مع هذا التحول الرقمي. وعمل امتحان نثبت من خلاله عدد من تم محو أميتهم. ونقدم قصص المتدرِّب في الإعلام ليكونا قدوة لغيرهم، ونكرّم الشباب بوسام من رئاسة الجمهورية في مؤتمر الشباب السنوي. تحت أي شعار مقترح.
ويتم تدريب هؤلاء الشباب ليقوموا بهذا الدور في مراكز الشباب،والجامعات، وهيئات قصور الثقافة، والمدارس.ونعتبرهذا مشروعا قوميا نشركهم فيه في فترة إجازاتهم ونكافئهم عليه؛ فنكون قد أشعرناهم بأهميتهم، و دمجنا كبار السن معهم بمودة ورحمة، وأكدنا على تقديرنا لهم وعدم تجاوزهم في هذه المرحلة المتغيرة للوطن.